التحول الرقمي
التحول الرقمي
التحول الرقمي يُعد أحد الركائز الأساسية للدول العربية ، إذ تسعى القيادة الرشيدة إلى بناء مجتمع رقمي متكامل يُسهم في تحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز جودة الحياة، ورفع كفاءة الأداء الحكومي والاقتصادي. ويأتي هذا التوجه في إطار حرص الدول على تحديث البنية التحتية الرقمية، وتقديم خدمات ذكية للمواطنين والمقيمين عبر منصات إلكترونية موحدة ترتكز على البيانات والتحليلات الدقيقة، إلى جانب توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحسين الخدمات، وتعزيز دور المكتبة الرقمية كمصدر معرفي مفتوح يدعم التحول إلى اقتصاد ومجتمع معرفي ومن خلال إطلاق العديد من المبادرات والمشاريع الرقمية الطموحة، مثل منصة “أبشر”، ومنصة “صحتي”، ومنصة “توكلنا”، تعمل الدول العربية على تحسين تجربة المستفيدين، وتيسير الوصول إلى الخدمات، وتوفير الوقت والجهد، بالإضافة إلى تعزيز الشفافية، وتحفيز الابتكار والاقتصاد الرقمي، بما يواكب التطورات التكنولوجية العالمية ويؤسس لمجتمع معرفي ذكي.
ما هو التحول الرقمي؟
التحول الرقمي هو عملية الاستفادة من التقنيات الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي، البيانات الضخمة، الحوسبة السحابية، وإنترنت الأشياء، بهدف تطوير الخدمات الحكومية، وتسهيل الوصول إليها، وزيادة كفاءة المؤسسات. يُعد هذا التحول خطوة استراتيجية لرفع الإنتاجية، وتقليل الأخطاء، وتسريع اتخاذ القرار، وتمكين المجتمع من التفاعل مع الخدمات بطريقة أكثر مرونة وابتكارًا.
أهداف التحول الرقمي:
تسعى الدول العربية إلى تحقيق عدة أهداف من خلال التحول الرقمي، أبرزها:
تحسين جودة الخدمات الحكومية:
رقمنة الخدمات لتصبح متاحة للمواطنين والمقيمين على مدار الساعة عبر التطبيقات والمنصات.
تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد:
تقليل التدخل البشري في المعاملات، وتوثيق العمليات إلكترونيًا.
رفع كفاءة القطاع العام:
تأهيل الكوادر الحكومية على استخدام الأنظمة الرقمية وتطوير بيئة العمل.
تمكين المجتمع رقميًا:
رفع الوعي بالتقنيات الرقمية وتسهيل الوصول إلى المعلومات والخدمات.
تعزيز الاقتصاد الرقمي:
دعم رواد الأعمال والشركات الناشئة، وجذب الاستثمارات في قطاع التقنية.
دعم التحول نحو حكومة ذكية:
توحيد وربط قواعد البيانات الحكومية، واستخدام الذكاء الاصطناعي في اتخاذ القرار.
امثلة على تحقيق التنمية المستدامة ورؤية 2030:
1-المملكة العربية السعودية
توجد بعض التحديات التي تواجه التحول الرقمي في السعودية:
الفجوة الرقمية بين المناطق:
تفاوت التغطية التقنية بين المدن الكبرى والمناطق النائية.
محدودية الثقافة الرقمية لدى بعض الشرائح:
الحاجة إلى رفع الوعي وتوفير التدريب للمواطنين
مقاومة التغيير في بعض الجهات:
بعض الموظفين يفضلون الطرق التقليدية مما يبطئ وتيرة التغيير
الحاجة إلى كوادر مؤهلة:
النقص في الخبرات الفنية المتخصصة في التحول الرقمي
أمن المعلومات والتهديدات السيبرانية:
الحاجة المستمرة لتحديث أنظمة الحماية والتشريعات ذات الصلة
مبادرات التحول الرقمي في السعودية:
أطلقت المملكة العديد من المبادرات ضمن إطار رؤية 2030، منها:
منصة أبشر
توفر أكثر من 300 خدمة حكومية رقمية، مثل الجوازات والمرور والتصاريح.
منصة توكلنا
تطورت من أداة لإدارة التصاريح أثناء الجائحة إلى منصة خدمات شاملة.
منصة صحتي
تمكّن المستخدم من حجز مواعيد، واستعراض نتائج الفحوصات، ومتابعة الحالة الصحية.
هيئة الحكومة الرقمية
أُنشئت لتوحيد الجهود الرقمية في القطاع العام وتطوير سياسات التحول الرقمي.
برنامج التحول الوطني
يهدف إلى تحسين الأداء الحكومي عبر أدوات رقمية تدعم تحقيق مستهدفات الرؤية.
التقنية المالية والتحول الرقمي فى السعودية:
علاقة التقنية المالية بالتحول الرقمي في السعودية علاقة وثيقة واستراتيجية، إذ تُعد التقنية المالية أحد المحاور الحيوية ضمن رؤية السعودية 2030، لما لها من دور كبير في تعزيز الشمول المالي، وتقديم خدمات مالية مبتكرة، وتقليل الاعتماد على المعاملات النقدية، وتحقيق تحول اقتصادي رقمي متكامل.
وفيما يلي أبرز أوجه العلاقة بين التقنية المالية والتحول الرقمي في المملكة:
1- تمكين الخدمات المالية الرقمية
التحول الرقمي في السعودية مهّد الطريق لتطور التقنية المالية من خلال بناء بنية تحتية رقمية قوية، وتوفير أنظمة دفع إلكتروني آمنة وفعّالة، مثل “مدى”، و”سداد”، مما ساعد في نمو قطاع المدفوعات الإلكترونية بشكل سريع.
2-دعم السياسات والتشريعات الرقمية
أصدرت المملكة عبر مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) وهيئة السوق المالية عددًا من اللوائح التنظيمية لتشجيع الابتكار في قطاع التقنية المالية، مثل بيئة الرقابة التنظيمية، ما سهّل دخول شركات ناشئة لتقديم حلول مالية رقمية متنوعة.
3- تعزيز الشمول المالي
تسهم التقنية المالية في الوصول إلى شرائح جديدة من المجتمع، مثل الأفراد غير المتعاملين مع البنوك، من خلال توفير حلول مالية ميسرة عبر التطبيقات والمنصات الذكية، مما يدعم أهداف التحول الرقمي في تعزيز العدالة المالية.
4- تحفيز الابتكار وريادة الأعمال
تشجع السعودية الابتكار في قطاع التقنية المالية من خلال مبادرات مثل “فنتك السعودية”، التي تعمل على ربط الشركات الناشئة والمستثمرين والمشرعين، في إطار بيئة محفزة لتقديم منتجات مالية رقمية متطورة.
5- تحول البنوك إلى نماذج رقمية
ضمن مسار التحول الرقمي، بدأت البنوك السعودية التقليدية في إطلاق بنوك رقمية بالكامل وتطوير تطبيقات ذكية تقدم خدمات مصرفية إلكترونية دون الحاجة إلى زيارة الفروع
6- تحقيق الاقتصاد غير النقدي
أحد أهداف التحول الرقمي هو تقليل الاعتماد على النقد، وتعزيز استخدام أدوات الدفع الإلكتروني، وهو ما تحققه التقنية المالية من خلال التوسع في المحافظ الرقمية، وخدمات الدفع عبر الجوال، وخدمات الإقراض الإلكتروني.
2- مصر
توجد بعض التحديات التي تواجه التحول الرقمي في مصر:
البنية التحتية التكنولوجية غير المتكاملة:
تفاوت جودة الإنترنت وسرعته بين المحافظات
نقص في تجهيزات الشبكات والأنظمة الإلكترونية ببعض الجهات الحكومية
ضعف الثقافة الرقمية لدى بعض فئات المجتمع:
محدودية الوعي بفوائد التحول الرقمي
وجود فئة كبيرة من المواطنين لا تتقن استخدام الخدمات الإلكترونية
مقاومة التغيير داخل بعض المؤسسات الحكومية:
بعض الموظفين يفضلون الأساليب التقليدية ويواجهون صعوبة في التكيف مع الأنظمة الرقمية
نقص التدريب المستمر للعاملين على الأدوات الرقمية الحديثة
التحديات القانونية والتشريعية:
تأخر تحديث بعض القوانين لتتماشى مع بيئة العمل الرقمية
الحاجة إلى تشريعات أكثر صرامة لحماية البيانات والخصوصية
مخاوف أمن المعلومات والاختراقات الإلكترونية:
ضعف بعض أنظمة الحماية في المؤسسات
ارتفاع نسبة التهديدات السيبرانية
نقص الكوادر الفنية المؤهلة:
الحاجة إلى المزيد من الخبراء والمتخصصين في مجالات تكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمي
هجرة بعض الكفاءات إلى الخارج بحثًا عن فرص أفضل
الفجوة الرقمية بين الريف والحضر:
تركّز الخدمات الرقمية والمبادرات في المدن الكبرى، بينما تعاني المناطق الريفية من ضعف التغطية التقنية والخدمات
مبادرات التحول الرقمي في مصر:
أطلقت مصر العديد من المبادرات لدعم التحول الرقمي، منها:
منصة مصر الرقمية:
أطلقت الحكومة المصرية “منصة مصر الرقمية” لتوفير مجموعة واسعة من الخدمات الحكومية إلكترونيًا، مثل خدمات التموين، التوثيق، المحاكم، المرور، وغيرها. تهدف المنصة إلى تسهيل وصول المواطنين إلى الخدمات الحكومية وتحسين جودة هذه الخدمات
استراتيجية مصر الرقمية للخدمات العابرة للحدود 2022-2026:
تهدف هذه الاستراتيجية إلى تحقيق ثلاثة أضعاف من عائدات التصدير للدولة من الخدمات الرقمية العابرة للحدود بمعدل نمو سنوي مركب 19% خلال الفترة من 2022 إلى 2026. كما تسعى إلى توفير 215,000 فرصة عمل مستدامة في صناعة الخدمات العابرة للحدود، مع التركيز على الخدمات عالية القيمة مثل الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات المتقدمة.
فى الختام يمثل التحول الرقمي في الدول العربية خطوة استراتيجية نحو بناء مجتمعات رقمية متقدمة، قائمة على المعرفة والابتكار. وبفضل الرؤى الطموحة، والدعم المتزايد من القيادات، والتعاون بين القطاعين العام والخاص، تسير العديد من الدول العربية بخطى ثابتة نحو الريادة في المجال الرقمي، لا سيما في مجالات مثل تصميم تطبيقات الجوال، التي أصبحت ركيزة أساسية في هذا التحول.
إن مستقبل العالم العربي الرقمي لم يعد مجرد حلم، بل هو واقع يتجسد يومًا بعد يوم من خلال مشاريع ومبادرات تكنولوجية متطورة، تشارك فيها أفضل شركات التصميم، وتسهم في صناعة مستقبل أفضل وأكثر استدامة للأجيال القادمة.